خبير إسرائيلي بجامعة بار إيلان : بايدن لا يرغب في رؤية نتنياهو بواشنطن قبل إنهاء حرب غزة

شرخ كبير يزداد اتساعة يوما بعد يوما بسبب تضارب المصالح بين رئيس الولايات المتحدة الأمريكية جو بايدن الذي تلاحقه دماء شهداء فلسطين خلال العملية الانتخابية أمام منافسه العنيد " ترامب " .. وبين مجرم الحرب بنيامين نتنياهو .. بدى ذلك أكثر وضوحًا بعد إلقاء بايدن خطابه الأخير في الكونجرس وطرح مبادرة لوقف الحرب في غزة وتسليم الرهائن .

والذي كان ملخصة تساؤل الإدارة الأمريكية عما إذا كان نتنياهو سيرتفع ولو لمرة واحدة على سبيل التغيير ليسمو بنفسه ويشكر بايدن على دعمه ويقدم رؤية لنهاية الحرب في الشرق الأوسط بما يناسب المصالح الأمريكية. أم سيستمر في الحفاظ على مصلحته فقط ومصلحة ائتلافه حتى ولو كان ذلك على حساب المصالح الأمريكية .

يقول البروفيسور " إيتان جلبوع " الخبير في شؤون الولايات المتحدة بجامعة بار إيلان والباحث في معهد القدس للاستراتيجية والأمن

من المؤكد أن إدارة بايدن لا ترغب في رؤية نتنياهو في واشنطن قبل تنفيذ الخطوط العريضة التي كشف عنها بايد في مبادرته ، بعد أن خلصت إدارة الرئيس جو بايدن إلى أن إسرائيل هي التي أشعلت التحركات العسكرية، فيما انهار موقفها في كافة المجالات الحاسمة الأخرى: "السياسية والإعلامية والقانونية" ويهدف الكشف عن الخطوط العريضة إلى وقف الانهيار، وتحييد ساحات الحرب الأخرى ووقف الضغوط الداخلية لحملة الانتخابات الرئاسية ضد ترامب.

لماذا سقط جيش الاحتلال الإسرائيلي وفشلت حرب نتنياهو على عزة

يقول جلبوع : تظهر تجربة الحروب التي خاضها القرن الحالي أنه لتعظيم الإنجازات العسكرية، يجب منذ اليوم الأول التفكير والتخطيط لاستراتيجية لإنهاء الحملة أو الخروج منها.

لقد حددت حكومة نتنياهو أهدافاً للحرب ضد حماس في غزة، ولكن لأسباب سياسية تتعلق بالحفاظ على الائتلاف، لم تناقش الخروج من غزة أو المفهوم الأكثر شعبية "اليوم التالي".لذلك قدم بايدن استراتيجية خروج تقوم على تحقيق أهداف الحرب التي يتفق عليها البلدان.

لقد تحدث بايدن إلى الجمهور في إسرائيل من متجاوزًا نتنياهو طالبا منهم دعم الخطوط العريضة التي كشف عنها. على ما يبدو مسألة محيرة. لماذا من الضروري مناشدة الجمهور في إسرائيل لدعم المخطط الذي اقترحه رئيس وزرائه أصلاً ؟ الجواب يكمن في تاريخ العلاقة بين الإدارات الأميركية ونتنياهو، خاصة فيما يتعلق بالبرامج التي طرحها هو نفسه.

نتنياهو بهلوان يجيد "الشقلبة السياسية "

وأضاف جلبوع : ذكرنتنياهو عدة مرات إنه وبايدن صديقان منذ أكثر من أربعين عاما، وهذا صحيح، ولكن هذا التعارف لم يكن دائما إيجابيا ، بايدن يعرف أساليب المراوغة التي يتبعها نتنياهو، الذي يعد بشيء واحد في الغرف المغلقة، ويكرره في تصريحات عامة ثم يقوم ببعض الشقلبات السياسية، وكان يخشى أن يحدث ذلك أيضاً مع الخطوط العريضة التي قدمها له نتنياهو، فقرر الكشف عنها كاملة.

بايدن : " بن جفير وسموتريتش " يسيطران على نتنياهو وذلك سيسبب أزمة مع واشنطن

منذ عدة أشهرهناك إنطباع لدى بايدن بأن" بن جفير وسموتريتش " يسيطران على نتنياهو وليس العكس، وأنه يعطي الاعتبارات السياسية والشخصية مكانا حاسما في صنع قراره ، كما سُمع جانتس وآيزنكوت يهددان بالانسحاب من الائتلاف هذا الأسبوع على أساس أنهما فقدا نفوذهما في حكومة الحرب المصغرة.

وكان الهدف من بيانه أيضًا مطالبتهم بإعادة النظر في الإنذار الأخير لنتنياهو، والبقاء في الائتلاف والنضال من أجل تنفيذ الخطوط العريضة. إن حكومة متطرفة من دون جانتس وآيزنكوت، ومع سيطرة أكبر من بن جفير وسموتريتش، هي كابوس لا يزال من الممكن أن يؤدي إلى أزمة خطيرة مع واشنطن.ويرى بايدن أن الخطوط العريضة التي قدمها ستكون مفتاحاً سحرياً للقضاء على كل التهديدات التي تواجه إسرائيل والمنطقة والانتخابات الرئاسية.

الممكن إجراء تحرك دبلوماسي يؤدي إلى انسحابه من الحدود وعودة النازحين الإسرائيليين إلى منازلهم. سيوقف الحوثيون الهجمات على السفن في البحر الأحمر، وسيستأنف الإبحار عبر قناة السويس؛ ستتوقف المحاكم الدولية في لاهاي عن تحركاتها ضد نتنياهو وإسرائيل، وستتوقف الدعوات لوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيل؛ وستنخفض المعارضة لبايدن داخل حزبه لدعمه لإسرائيل. وفي الوقت نفسه، فإن الخطوط العريضة التي قدمها تتضمن مراحل ومبادئ، وهي مصدر لخارطة الطريق.

مبادرة بايدن تمثل الحد الأقصى من وجهة نظر إسرائيل وبالنسبة لحماس تمثل بداية لاستكمال باقي المطالب

أما فيما يتعلق بأي قضية أخرى، فسيكون من الضروري إجراء مفاوضات صعبة، المشكلة هي أن المخطط يمثل الحد الأقصى الذي يمكن لإسرائيل أن تقدمه، وهو ما يعارضه بن جفير وسموتريتش أيضًا؛ أما من جانب حماس فإن هذا ليس سوى أساس للمفاوضات التي سيطالبون خلالها بتنازلات إضافية من إسرائيل.

ثقوب كبيرة في مبادرة بايدن

يقول أيضًا البروفيسور " إيتان جلبوع " يحتوي التصميم على بعض الثقوب غير الصغيرة؟ على سبيل المثال، قال بايدن إنه سيتم استبدال نظام حماس، لكنه لم يوضح سبب قبول حركة حماس لعملية تؤدي إلى القضاء عليها.

وتحدث بايدن عن الضمانات الأميركية التي ستمنح لحماس مقابل استيفاء كافة الشروط التي ستقبلها إسرائيل، في حين ستضمن قطر جميع الالتزامات التي ستقبلها حماس.

هذا هو التماثل مثير للسخرية، فالولايات المتحدة تمتلك أدوات ضغط على إسرائيل، أما بالنسبة لقطر فقد أظهرت التجربة أنها إما لا تريد استخدام أدوات الضغط على حماس أو أنها لا تملك أي أدوات على الإطلاق.

وفي نفس الوقت الذي صدر فيه بيان بايدن، تمت دعوة نتنياهو رسميًا لإلقاء كلمة أمام مجلسي الكونجرس. ويعاني الديمقراطيون من الصدمة التي سببها لهم خطاب مماثل في عام 2015، عندما هاجم نتنياهو أوباما بسبب الاتفاق النووي الذي كان على وشك التوقيع عليه مع إيران.

ثم حدث صدع حاد مع الحزب الديمقراطي ومع يهود الولايات المتحدة، وغالبيتهم العظمى من الديمقراطيين أو من مؤيدي الحزب. ولا ترغب إدارة بايدن في رؤية نتنياهو في واشنطن قبل تنفيذ الخطوط العريضة التي كشف عنها، وتعلم أن الخطاب في الكونجرس قد يساعده في الساحة السياسية في إسرائيل. ولكن لم يكن لديه خيار آخر.

سر إطلاق بايدن للمبادرة .. كان لتفادى تأثير الجمهوريين

ولعل قرر رئيس مجلس النواب الجمهوري، مايك جونسون، دعوة نتنياهو مع الديمقراطيين أو بدونهم جعل بايدن يخشي من أنه إذا لم ينضم إلى المبادرة، فإنه سيخسر الناخبين المؤيدين لإسرائيل للخطاب، الذي وقع هذه المرة من قبل زعماء الجمهوريين والديمقراطيين في مجلسي الكونجرس ( الشيوخ والنواب )

وربما يعتقد بايدن أن الخطاب سيوفر له فرصة لإظهار أنه يدعم إسرائيل، ومن ناحية أخرى، لعناق نتنياهو. ولا يزال من غير الواضح متى سيتم تنفيذ الخطاب وما إذا كان نتنياهو سيرتفع ولو لمرة واحدة على سبيل التغيير فوق نفسه ويشكر بايدن على دعمه ويقدم رؤية لنهاية الحرب في الشرق الأوسط بما يناسب المصالح الأمريكية. ولن يستمر في الحفاظ على مصلحته فقط ومصلحة ائتلافه.