16 سبتمبر 2024 22:35 12 ربيع أول 1446
دنيا المال
رئيس التحرير إيهاب عبد الجواد
مقالات

اللواء دكتور سمير فرج : ماذا يريد الجميع أحداث غزة (2)

دنيا المال


استعرضت في مقال الأسبوع الماضي في نفس المكان الجزء الأول الذي يخص موضوع الأحداث في غزة الآن وماذا يريد الجميع؟ حيث استعرضت موقف الولايات المتحدة الأمريكية من الأحداث التي تركزت في أن الرئيس الأمريكي جو بايدن هدفه حاليا تحقيق السلام في الشرق الأوسط بأي طريقة، وإيقاف إطلاق النار حتى يخرج من البيت الأبيض في نهاية العام، بعد فترة أربع سنوات، ويقول للعالم كله والشعب الأمريكي بصفة خاصة إنه حقق أعظم إنجاز وهو تحقيق السلام في الشرق الأوسط، لذلك هو يضغط حاليا على نتنياهو بكل الطرق لعدم وضع العراقيل في المفاوضات القادمة من أجل تحقيق السلام.


كذلك قمت باستعراض موقف إسرائيل التي تنقسم حاليا إلى قسمين في الداخل القسم الأول رئيس الوزراء نتانياهو الذي يرفض السلام ويريد استمرار الحرب. لأنه عندما يتحقق السلام، سوف يتعرض للمسائلة عن إخفاقاته في الحرب التي استمرت عشرة شهور، ولم يحقق فيها أي مكسب لإسرائيل، وثانيا أن هناك ثلاث قضايا فساد ينتظر فيها الحكم عليه بالسجن. أما الأطراف الثانية في إسرائيل فهو وزير الدفاع، وباقي الوزارة التي ترى سرعة انهاء الحرب. لعودة المختطفين الإسرائيليين لدى حماس، علاوة على أن الجيش الإسرائيلي أصبح حاليا غير قادر على الاستمرار في هذا النوع من القتال، وهو حرب العصابات أمام حماس. وأخيرا، فإن الاقتصاد الإسرائيلي الآن أصبح يعاني بشدة بسبب هذه الحرب، وبسبب استدعاء معظم العاملين في المصانع والشركات كجنود احتياط.


أما بالنسبة إلى الفلسطينيين، فهناك السلطة في رام الله التي تريد أن يتم السلام حتى يتم إجراء انتخابات جديدة في غزة وتفرز عن حكومة تكنوقراط، تنضم إلى السلطة في رام الله، ولكنها تخاف من السلام، لأن أمريكا والغرب تريد تغيير جميع الوجوه في السلطة الفلسطينية في رام الله، خاصة إذا تم الإفراج عن مروان البرغوثي وأحمد سعدات.
أما الشعب الفلسطيني في غزة فأنه يريد السلام. حتى يتم دخول المساعدات الإنسانية، وعودة الأسر والأهالي في منازلهم، حتى لو كانت مهدمة، ومع البدء في عملية إعمار غزة وإيقاف المجازر اليومية.
أما الطرف الرابع، في هذه القضية فهي مصر التي أقول أنها ثاني المتضررين من هذه الحرب، وهدف مصر حاليا هو إيقاف إطلاق النار أولا لصالح الشعب الفلسطيني، وثانيا أن يسود السلام في المنطقة، فتعود الملاحة إلى قناة السويس التي فقدت مصر منها حوالي 5 مليارات دولار. وتعود السياحة إلى مصر، وتبدأ عملية إعادة الإعمار في غزة، لذلك تساهم مصر بجهد كبير في عملية الوساطة بالتعاون مع الولايات المتحدة وقطر للوصول إلى اتفاقية سلام بين إسرائيل وحماس.


أما العنصر الخامس فهو إيران، وحقيقي أن موقف إيران صعب للغاية، فهي التي تزود أذرعتها القتالية في المنطقة، حزب الله في لبنان، وحزب الله في سوريا، والحشد في العراق، وأخيرا الحوثيين في اليمن. وإيران من داخلها ترى عدم الدخول في أي عمليات عسكرية كبيرة ضد إسرائيل، لأن هدف إيران الإستراتيجي حاليا هو إنتاج الخمس قنابل نووية في عام 2025، وأن أي عمليات عسكرية حاليا ضد إسرائيل تعني قيام إسرائيل الرد بالضربة الثانية، وهذا ما يعني أنها ستهاجم مفاعلاتها النووية، ورغم كل الدفاعات التي تحمي هذه المفاعلات ونقلها إلى داخل المناطق الجبلية في إيران، إلا أن أمريكا زودت إسرائيل بأنواع من القنابل الجديدة. التي تخترق كل التحصينات، لذلك فإن إيران ترى أن أي تدمير لهذه المفاعلات يعني تأخر إيران في إنتاج القنبلة النووية.


لذلك عندما قامت إسرائيل بتدمير القنصلية الإيرانية في دمشق، ومقتل سبعة من الحرس الثوري الإيراني، جاء الرد الإيراني ضد إسرائيل ضعيفا للغاية، حيث أطلقت ما يقرب من 350 صاروخ وطائرة مسيرة، ولم تصب كلها غير فتاة بدوية في صراحة صحراء النقب، لذلك فإن إيران تقوم حاليا بتدعيم أذرعها الأربعة. ولكنها تكون على عدم تنفيذ أي عمليات قتالية رئيسية ضد إسرائيل.
أما حزب الله فإنه لم يستخدم حتى الآن سوى 10% من قدرته العسكرية، خصوصا الصواريخ والطائرات المسيرة، لذلك هو يقترب من ضرب إسرائيل من خلال ضربات صاروخية ومسيرات بطريقة متزنة، ولعل كلمة حسن نصر الله في خطبته الأخيرة، واستخدم كلمة تركية ياواش ياواش يعني بالراحة بالراحة. خاصة أن حزب الله في لبنان، وكذلك الحوثيين في اليمن أعلن كل منهم أنه فور تحقيق السلام بين حماس وإسرائيل سيتوقف كلاهما عن مهاجمة وضرب إسرائيل.


أما العنصر الخامس فهي لبنان المسكينة التي ليس لها دور هنا أو هناك، فهي بدون رئيس جمهورية أو رئيس وزراء مدة سنتين الآن، وأصبحت لبنان تنتظر هجوم إسرائيل عليها ردا على هجمات حزب الله، وخاصة ما أعلنه قادة إسرائيل عن نيتهم لضرب لبنان، فإنها ستعود إلى العصر الحجري، لذلك تقدمت كل الدول بنصح رعاياها لمغادرة لبنان، تحسبا لأي ضربة إسرائيلية منتظرة، أو هجوم كاسح إسرائيلي، لاحتلال لبنان.


أما روسيا فهي تقف على الحياد تدعم القضية الفلسطينية والدول العربية ولكنها لا تريد أن تعادي إسرائيل، لأنها تحافظ على مكتسباتها، من عودتها إلى المياه الدافئة في البحر المتوسط، حيث لها الآن قاعدة بحرية وقاعدة جوية في سوريا، ولا تريد أن تفقد هذه الميزة الرائعة التي تحققت خلال السنوات الماضية.


أما العنصر السادس فهي تركيا التي كشرت عن أنيابها ضد إسرائيل بالتصريحات والكلمات فقط، وتحاول من خلال ذلك أن يكون لها دور في الوساطة لاستعادة هيبتها ومكانها في المنطقة.
أما الأمم المتحدة ومنظماتها في تقف عاجزة أمام كل ما يحدث في غزة. حتى قرارات وقف إطلاق النار، فقد وقفت عاجزة عن تنفيذها، وحتى قرارات محكمة العدل الدولية أصبحت حبر على ورق، ولم نعد نرى الأمين العام للأمم المتحدة جوتيريش إلا وهو يعلن أسفه، وندمه على ما يحدث لأهالي غزة، وباقي المنظمات لم يستطيع أن يفعل لها شيء. لذلك أعتقد أن حرب غزة جاءت، لتعلن وفاة إكلينيكية للأمم المتحدة عالميا.


ونعود للدول الأوروبية التي تنادي بضرورة تحقيق السلام ولكنها لا تستطيع أن تتخذ موقف حازم أمام نتانياهو، وتجبره على تنفيذ بعض التنازلات للوصول إلى السلام، كما لم تستطع أن تقدم حتى أي مساعدة إنسانية لأهالي غزة إلا بالتعاطف والكلمات، بل أن فرنسا وبريطانيا اشتركتا مع التحالف للتصدي للصواريخ التي تهاجم إسرائيل، سواء من إيران أو حزب الله في لبنان أو الحوثيين في اليمن.


أما الصين، القوة العظمى الثالثة في العالم، فقد التزمت أيضا بالتدخل بالصمت الإيجابي، واقتصر دورها على الشجب والتنديد لأعمال إسرائيل في غزة، والتي كنا ننتظر أن يكون لها دورا أكبر ومؤثر في تلك الأحداث من أجل مساعدة الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية غير الشعرات الرنانة، وذلك بالضغط على نتانياهو ليتقبل وقف إطلاق النار.
وبعد ذلك تجيء شعوب العالم وموقفها المعارض للمجازر الإسرائيلية في غزة، ولكن للأسف لم نرى من هذه الشعوب غير بعض المظاهرات في العواصم الأوروبية والجامعات، لكننا لم نرى تدخل من هذه الشعوب يجبر حكومتها على أن تفعل شيئا من أجل الشعب الفلسطيني. واسترداد حقوقه، أو على الأقل إيقاف المجازر التي تتم دون يومنا هذا ضد أبناء غزة الشجعان.


في النهاية موقف حماس وعودة السنوار ليكون رئيسا بعد اغتيال إسماعيل هنية، وأعتقد أن السنوار بطبيعته سيكون شديد الميراث في مفاوضات السلام، ولكن سيكون هدفه تحقيق وقف إطلاق النار لأنني أعتقد أنه حقق هدفه خلال عشر شهور من القتال، بأن أعاد القضية الفلسطينية مرة أخرى إلى السطح لكل دول العالم، ورغم ما خسره الشعب الفلسطيني من قتلى وجرحى وتدمير 80% من مباني غزة.
وهنا نتمنى ان يحل السلام وان يعود الامن لغزة