11 يناير 2025 02:05 11 رجب 1446
دنيا المال
رئيس التحرير إيهاب عبد الجواد
مقالات

ابراهيم العمدة يكتب « ألف تحية لوزارة الداخلية»

دنيا المال

يٌعجبني التمسك بالمبادئ حتى لو طبقها الإنسان على ذاته، فهذا هو الحق، وهذا هو العنوان الذي يقدم تعريفًا للشخص أو المنظومة، ويبين أنها متسقة مع ذاتها.

وهذا ما فعلته وزارة الداخلية، حينما أعلنت إيقاف فردي أمن بأحد أقسام الشرطة بالقاهرة عن العمل وإحالتهما وضابطين إلى التحقيق لمجرد الشك فى تجاوزهم تجاه بعض المواطنين أثناء السيطرة على مشاجرة.
في البداية وقبل تحليل الواقعة التي كانت سببًا في هذه الإحالة، ينبغي أن نوجه التحية لوزارة الداخلية على هذا القرار الجرئ الذي يبين أن وزارة الداخلية جهة حقوقية وجديرة بالفعل أن تكون حامية حقوق الإنسان، وذلك لأن الوزارة اتخذت هذا القرار من تلقاء نفسها، في دليل على أنها لديها كود أخلاقي وحقوقي تطبقه على الجميع، حتى على أفرادها.
بيان وزارة الداخلية كان قاطعًا وحاسمًا، في وقت تكشف فيه عن العديد من محاولات تشويهها من جماعة الإخوان الإرهابية.
إعلان الوزارة عن الواقعة كان دليلًا على أنها لم ولن تداري على أي فعل مخالف، بل إنها ستحاسب نفسها وأفرادها بشدة، خاصة أنها لديها قناعة رسخها اللواء محمود توفيق وزير الداخلية.
بأن القائمين على تنفيذ القانون وفق قواعد حقوق الإنسان يجب أن يكونوا أول الملتزمين بذلك.
ولذلك يجب أن نوجه ألف تحية لوزارة الداخلية على ما فعلت وكيف أن رد فعلها في الوقت المناسب أخرس الألسنة وكان ضربة استباقية لمستغلي الشائعات ومروجيها.
الأمر الآخر الذي يجب أن نتوقف عنه كثيرًا بالتحليل هو الواقعة ذاتها، فقرار وزارة الداخلية بإحالة الضابطين والفردين للتحقيق ضروري، لكن حينما ننظر إلى الواقعة التي نعلم تفاصيلها سُندرك يقينًا أن رجال وزارة الداخلية منعوا كارثة وأن تدخلهم بهذه الطريقة كان ضروريًا حتى لا تتطور المشاجرة إلى حدوث ما لا يُحمد عقباه.
التحقيق الذي سيجرى سيثبت بما لا يدع مجالًا للشك أن أفراد الشرطة كانوا مجبرين على هذا التعامل ، خاصة أن الشوارع في هذه المنطقة مزدحمة والمشاجرة كانت بين عائلتين كبيرتين من حيث العدد، وطبيعي أن يكون هناك خوفًا من تطور الأمر إلى الأسوأ.
أيضًا لا بد أن نؤكد أن تدخل رجال الشرطة كان بناءً على استغاثة وبلاغ للنجده من الأهالي، الذين أكدوا أنهم عانوا من يوم رعب بسبب المشاجرة وإلقاء الحجارة والزجاج من اسطح العقارات واستخدام الشوم والأسلحة البيضاء، وبالتالي كان التدخل ضروريًا.
من أسوأ الأقوال التي وصلتني هي أن البعض قال إن التدخل لفض المشاجرة لم يكن بإذن من النيابة العامة، وهذا قول لا يُمكن قبوله، فهل كان على رجال الشرطة الانتظار حتى صدور إذن من النيابة للفض؟ وهذا ليس مقبولًا على الإطلاق.
هل يفترض أن تنتظر الداخلية صدور إذن النيابة وتترك الناس في رعبهم والزجاجات والحجارة تتساقط فوق رؤوس الناس؟
السؤال هنا هو من المستفيد من تقييد تحرك عاجل وسريع للشرطة، ومن الذي يريد أن يضيق على الشرطة في حماية الناس؟
الإجابة بالتأكيد ستحمل اتهامات لأشخاص لا يريدون خيرًا لهذا الوطن.
رجال وزارة الداخلية بفضهم المشاجرة الخطيرة بهذه الطريقة، والتي وإن كانت تخالف كود الفض، قد منعوا كوارث ومجزره، وأننا لو استخدمنا قاعدة (ماذا لو)، وسنفرض أن رجال وزارة الداخلية لم يفضوا فمن كان سيتحمل فاتورة العواقب؟
رجال الداخلية أقدموا على المخاطرة بأنفسهم حماية للناس، وهذا هو دور رجل الشرطي القوي، وستثبت التحقيقات أن فعلهم كان بغرض الحماية، وأنهم درأوا المفاسد عن المجتمع، وأقدموا على المخاطرة من أجل الناس.
نحن هنا أمام معادلة تعني حب الوطن، وهي أن رجال الداخلية خاطروا بأنفسهم لحماية الناس، وقرار الوزارة بإحالة الضابطين والفردين للتحقيق.
كلنا ثقة في رجال وزارة الداخلية، وأن التحقيقات ستثبت أن ما فعله رجال وزارة الداخلية كان إنقاذًا للأرواح، لذلك ألف تحية لوزارة الداخلية ورجالها.